الاثنين، 27 يونيو 2011

لون المداد






تأملتُ في أحوالِ الأقلام ِ,,,,, ورأيتُ لِكُل ِروح ٍمِدادا, لا يُشْبِهُهُ فيهِ مِدادٌ آخرٌ وإنْ تشابهتِْ الصور وتماثلت الحروف !!
ـ مدادٌ يرتوي من أحبار ِالآخرين يجيدُ فن التزييفِ, فيُبَدّل الجُملَ مِنْ هنا وهناك, ويُركِّبُها من جديد ويُشكِّلُ لنا لوحةً مُشوهة, وهو يراها جمالا ذكيا, ثمّ يُدوّن توقيعه !وتتكرر اللعبة حتى أصبحت له عادة !بل مِهنة .
لا يستحي من نفسِه ولا يحترمُ عيون الآخرين وعقولهم مُتناسياً جمال الأدب , وحق أصالة الفِكر للقلم....ثم هو يرتوي إعجابا ويزهو غرورا , بعدَ أنْ تُصَفِقَ لهُ بعضُ الأقلامِ سفهاً وغباءً !!!
وينسى أنَّ وجودَ مُتلَقٍ بارع يَعرفُ الفروقَ, ويُميّزُ الألوانَ, ويتأملُ الأرواح, ليسَ بالأمرِ البَعيد أو المستحيل, فبصيرته بصفاء سريرتهِ كافيةٌ لترَى الفرق, وتقيس البون. ويقف السؤال شامخا :
كيف سُكِت عنهُ ؟؟ بل كيف رفعوا قدرهُ؟
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
وقلمٌ لا يرتوي إلا مِنْ إحساسهِ, لا يعرفُ غيرَ محبرته, لا ينزفُ إلا مِنْ وَريدهِ, لا يُجيدُ إلا أنْ يكونَ صدى لحياتِه ومبادئه التي قد تتمخضُ من آلام الآخرين فتتسربُ لروحِه ليسكبَها مِن يراعِه ليُثبتَ لنا كلَّ يوم موهبته وجميل روحه.
يثورُ للحق فيكتب الرفض, يتألم للحزن فيخط الشجن فنتألم لِجرحه , يفرح للفرح أينما حلّ فنرددُ زغاريدَهُ, ولا نملك مشاعرنا إلا أن تكون صدى لوقع ِقلمِهِ على الأوراق ,قادر على استيعاب جميل المشاعر واختلافها فيرصُدُها في روحِه ثم يثقفها فينثرها لنا حِكَما وبيانا وصورا وألوانا.

بكفه ساحرُ البيان إذا

أداره في صحيفة سحرا

فهفهفٌ تزدهي به صحفٌ

كأنما خلِّيت به دررا

يكاد عنوانه لروعته

ينبيك عن سرها الذي استترا
*


وهناك قلم ناقل لا يُجيد غير الرواية مُعلنا حقوق الملكية لغيره ِ, ولكنهُ لا يفقهُ كيفَ يَنقلُ! وماذا ينقلُ! وما لا يَصِحُ أنْ يُنقل! حتى إذا عاتبته بخطأ ٍفيْما نقلَ,
أردفَ قائلاً :ليس من مِدادِ قلمي بل منقول!!!
وَعجبي من الإرادة !وأينَ كانَ فن الإدارة!!
إدارته ووعيه في المنقول وحسُن تصرفه !!
.............................
وقلمٌ متواضعٌ ولكنهُ يبحثُ عنْ أيِّ فرصةٍ ليقبلَ النّقدَ, ويتطورَ فيسبقك بخطوات وتتذكر حينها بأنك قد كنتَ تسخر منهُ يوما ما !
وأنتَ محلك ساكن ,!!
هو التواضع إنْ تشربَته النفس, وذابَ فيه حب التعلم والجِد والمحاولة ,
هو الإحساس إن ازدان بالتحدي .....مَكانهُ العُلا .وجزاؤه الفوز.
.................................................. .....................
وهناك قلمٌ عارف ضليع مُتمرس , تجِدْه ُينقلُ فينتقي, ويحذف مالا يَصِحُ , أو يُوجز الحديثَ بتصرفٍ رائع, دونَ أنْ يثيرَ تعصُبا أو نزعةً مُقيتةً, لكنهُ ينقل العِبرةَ ويستخلصُ لنا الفحوى, ويترك مادون ذلك فيكون راقيا فعلا, يترفع عن السفاسفِ , لا يسخر من الآخرين, ولكنهُ يفرض القوانين بقوّته ,يسكب في النفوس احترامه مع مرور الوقت ليزداد طِيْبا كلما حُركَ أو أُثير .
.....................................
وهناك أقلام تُجيد سَحبَ الآخرين للرذيلةِ ,دونَ أنِ تعيَ الذنبَ الخطيرَ الذي تتلاعبُ من خِلاله بالقلوبِ والعقول, فتدس السُمَ بالعسلِ, وتشوّهُ الأفكارَ, وتعبث بالقيم, وتخترع الأقاويل, وتلفق التهم, دونَ أنْ يفقهوا ما يكتبون ,يتجاهلون أنَّ القلمَ أمانة !
يلاحقون العفاف ليفتكوا بالبراءة والطُهر ,وهم يُظهرون التقوى !!!! فلا هي ـ هذه الأقلام ـ عكفتْ على موهبِتها لتنْضُجَ ولا هي ندِمت فعادت عن غيّها .
.................................................. .........
وهناك أقلام تختبئُ في كهوف ِالظلام, وتهرب دونَ أدنى قرار, لأنّ صبرها نفِدَ ومحاولاتها باءتْ بالفشل ,ِفي مكانِ لا يُجيدُ إلا الاضطهادَ بألوانِه وأسرارهِ وخفاياه وألاعيبه !!!!
قد يكون الهروب آخر الحلول وقد يكون أفضلها !!!!
.............................................
وقلم غريب, فريد, جميل, تشعرُ بنقاءِ روحِه ,وجميل قلبه, وتمكنهِ من أدواته, فيصرف جُهده لهذا , لكن قدَره هو وجوده في غابة من الوحوش الذين يريدون افتراسه فإن لم ينجحوا ـ لتوقدِ ذكائهِ ـ حاربوه !!!
يقبل النقد فيرتقي كل يوم وقد يتهمونه ويصمونه بالعار !!! ويشوهون سيرة حياته ويلطخون نقاء ألوانه !! ويحرفون الكلم عن موضعه !! ويدسون أسوأ المعاني في أحرفه ,,,,,,, وقد عرف الزمن أقلاما كثيرة لُطخت ولكن يأبى التاريخ عبر العصور إلا أن يُظهرَ الحق يوما ما .

فأي الأقلام أنت ؟؟
أيُّ مداد ترْقُبُهُ لِروحك !!!

* الأبيات لابن عبد ربه في وصف اليراع

بقلم : هدى عبد العزيز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق